هذه الدولة الصغيرة مدججة بجميع أنواع الأسلحة، وجيشها صغير جدا، لكن جل مواطنيها تدربوا على الأسلحة وعند الضرورة تفتح مخازن الأسلحة ويتحول جل سكان البلاد إلى جيش صعب المراس.
هذا الوضع جعلها في منأى عن أي غزو، فلم تتعرض لأي غزو منذ أكثر من خمسة قرون، ولم يجرؤ حتى هتلر على المجازفة باجتياحها ليس فقط لأنها بلد محايد منذ نهاية القرن التاسع عشر، بل أيضا لأن الهجوم عليها مغامرة محفوفة بالمخاطر وباهظة الثمن.
ويمكن وصف سويسرا في الوقت الراهن بأنها تلك البلاد التي تمتد فيها الأنفاق والملاجئ النووية ومخازن الأسلحة ومرابض المدفعية والصواريخ المحصنة من جنيف إلى دافوس ومن زيورخ إلى لوغانو، وفي نفس الوقت لا يتجاوز كادرها العسكري النظامي 9000 شخص، معظمهم في سلاح الجو، فيما يبلغ عدد الذين يؤدون الخدمة العسكرية ويخضعون للتدريب ما بين 10 – 15 ألف مجند.
وتتركز منظومة الجيش في سويسرا على عدة أسس تتمثل في "عدد قليل من الجنود + الكثير من الضباط وضباط الصف + الاحتياطيين من المدنيين + الدورات العسكرية التدريبية= جيش كبير يجمع عند الضرورة القصوى".
وتقترب هذه المنظومة من فكرة "الشعب والجيش واحد" بامتداداتها السوفيتية، وهي مطابقة للتجربة التي طبقها القذافي في ليبيا تحت شعار "الشعب المسلح".
ويبدو أن القذافي استمد فكرته بهذا الشأن بدرجة ما من النموذج السويسري، الذي يتميز بخصوصية يصعب تقليدها.
ويستدعى المجندون الجدد من الرجال إلى مدارس التدريب العسكري لمدة 90 يوما، وبعد التخرج تمنح الدولة الجندي سلاحا شخصيا يتمثل في بندقية أو مسدس ومخزنين مملوئين بالذخيرة، ويزود بثلاثة طواقم للملابس العسكرية متناسبة مع فصول السنة، بالإضافة إلى درع واق من الرصاص وخوذة، وكلها يحتفظ بها في منزله كيفما يشاء ولا يتعرض لأي تفتيش بهذا الشأن.
ويمر الجندي الاحتياطي بثلاثة تصنيفات بحسب العمر ما قبل 32 عاما، وما قبل 42 عاما، وما قبل الخمسين، وأصحاب الفئة الأولى يتم استدعاؤهم خلال عشر سنوات إلى وحداتهم ثماني مرات لمدة ثلاثة أسابيع، فيما تستدعى الفئة العمرية الثانية 3 مرات لأسبوعين، والفئة الثالثة مرة واحدة لأسبوعين، وببلوغ جندي الاحتياط سن 51، يسرح رسميا من الجيش، وتسترد منه الأسلحة والعتاد والمستلزمات العسكرية التي منحت له، وتهدى إليه بندقية خفيفة، ويزود بجدول استدعاء لحالات الطوارئ الكبرى والنفير العام.
ولا يستطيع أي مواطن سويسري التهرب من الخدمة العسكرية التي هي طوعية بالنسبة للنساء.. تقاليد عريقة تضمن ذلك، وثقافة راسخة وتنظيم محكم لا مجال للتلاعب به.
ومع كبر المنظومة العسكرية في سويسرا التي يبلغ عدد سكانها أكثر من 8 مليون نسمة، لا تتجاوز ميزانيتها العسكرية بضع مليارات، وتتناسب أسلحتها الثقيلة مع مساحتها الصغيرة، فلديها نحو 800 دبابة وعربة مدرعة و14 سربا جويا، و120 طائرة تدريب، و100 مروحية، إلا أن هذه الترسانة يتم تجديدها بانتظام.
ومن الأهمية الإشارة إلى أنه بنهاية الحرب الباردة جرت محاولة لإلغاء المؤسسة العسكرية في سويسرا، إلا أن استفتاء بالخصوص عام 1989 فشل بعد أن صوت ضده نحو ثلثي الناخبين، ونفس النتيجة خرج بها استفتاء آخر جرى في ديسمبر/كانون الأول عام 2001 عقب هجمات سبتمبر/أيلول، حينما صوت ضده نحو 80% من الناخبين.
وهكذا لا تزال سويسرا، البلد المحايد العريق، يحتفظ لنفسه بحق الدفاع المسبق عن النفس واتقاء الحرب بالاستعداد لها، ويضع مواطنوه أيديهم على الزناد باستمرار على الرغم من انعدام أي احتمال للحرب أو التعرض لغزو خارجي، ناهيك عن انتفاء أي خطر داخلي لصراع مسلح أو ما شابه.
----------------------------------------------------------------------------------
رغم من كل ذلك : أن عدد سكان سويسرا : ٨٫٠٨١ ملايين (2013)
9٫483 ملايين (2016)
تتكون القوات المسلحة السويسرية من القوات البرية والقوات الجوية، ويشكل الجنود المحترفين حوالي 5٪ فقط من الأفراد العسكريين، والنسبة الباقية هي من المواطنين الذكور الذين تتراوح أعمارهم بين 20-34 سنة (وفي حالات خاصة تصل إلى 50 سنة). ولكونها بلد غير ساحلي، فليس لديها قوات بحرية، ولكن على البحيرات المتاخمة لدول الجوار تستخدم زوارق دورية عسكرية مسلحة. ويحظر على المواطنين السويسريين الخدمة في الجيوش الأجنبية، مع استثناء الحرس السويسري في الفاتيكان، أو إذا كانوا مواطنين مزدوجي الجنسية من بلد أجنبي ومقيمين هناك.
ينص هيكل نظام الميليشيات السويسري على احتفاظ الجنود بأسلحتهم الشخصية التي استخدموها بالجيش من المعدات بمنازلهم. وأعربت بعض المنظمات والأحزاب السياسية عن أن هذه الممارسات مثيرة للجدل. وترتبط الخدمة العسكرية الإلزامية بجميع المواطنين السويسريين الذكور فقط، فيما يمكن للمرأة أن تخدم طوعاً. عادة ما يحصل الذكور على أوامر التجنيد العسكري في سن الـ 19. ونحو ثلثي السويسريين الشباب ملائمين للخدمة فيما الثلث الباقي غير ملائم لشروط التجنيد، كما تتعدد أشكال الخدمة والبدائل المتاحة للشباب. ويتم سنوياً تدريب ما يقرب من 20،000 شخص في مراكز تجنيد لمدة 18-21 أسبوع. اعتمد نموذج "جيش القرن الحادي والعشرين" عن طريق التصويت الشعبي في عام 2003، والذي حل محل النموذج السابق "جيش 95"، كما تم حد عدد المنضمين من 400،000 إلى حوالي 200،000. ومن بين هؤلاء، 120،000 جنود نشطة ومدربة و80،000 هم احتياطيات غير مدربة.
تم الإعلان عن ثلاثة تحركات عامة لضمان نزاهة وحيادية سويسرا. وعقدت الأولى بمناسبة الحرب الفرنسية البروسية عام 1870-1871. وقررت الثانية رداً على اندلاع الحرب العالمية الأولىفي أغسطس 1914. وفي سبتمبر 1939 تمت تعبئة ثلث الجيش رداً على الهجوم الألماني على بولندا وانتخب هنري جيزان قائداً عاماً للقوات المسلحة.
بسبب سياسة سويسرا الحيادية، فإن الجيش السويسري لا يشارك حالياً في الصراعات المسلحة في البلدان الأخرى، ولكن هو جزء من بعض بعثات قوات حفظ السلام في جميع أنحاء العالم. منذ عام 2000 حافظت إدارة القوات المسلحة على نظام لجمع المعلومات الاستخبارية ورصد الاتصالات.
في أعقاب نهاية الحرب الباردة كانت هناك عدة محاولات للحد من النشاط العسكري أو حتى إلغاء القوات المسلحة تماماً. وفي 26 نوفمبر1989 أجري استفتاء شهير على هذا الموضوع، أطلقته جماعة مناهضة للعسكرية، وقد صوت حوالي ثلثي الناخبين ضد هذا الاقتراح. وعقد استفتاء مماثل عقب هجمات 11 سبتمبر في الولايات المتحدة، وصوت أكثر من 78٪ من الناخبين ضده.
------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
الاقتصاد
-----------------------------------------------------------------------------------------------
تعتبر سويسرا أحد أكثر الاقتصادات القوية في العالم.فعلى الرّغم من مساحتها المحدودة وعدم توفُّر المواد الخام بأرضها، إلا أن سويسرا تشهَد نجاحاً اقتصادياً مرمُوقاً في المجاليْن الصناعي والمالي. ونظراً للظروف الاقتصادية والسياسية الإيجابية، تتخّذ العديد من الشركات متعدِّدة الجنسيات من سويسرا مقرّاً لها. وتبقى البلد معتمدة بشكل كبير على استيراد المواد الأولية والمُنتجات شِبه المصنعة والمنتجات الجاهزة، إضافة إلى الطاقة والمواد الغذائية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق